تخطى إلى المحتوى

نص يوحنا 14:15-17 يشكل جزءًا مهمًا من تعليم يسوع لتلاميذه، وهو يعبر عن وعده لهم بالحضور المستمر للروح القدس، الذي سيعزيهم ويرشدهم بعد صعوده. لنتأمل في هذا النص بتوسع أكبر ونوضح أهميته، بالإضافة إلى السبب في أن ربطه بظهور النبي محمد يتناقض مع معناه الأصلي.

15 إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاعْمَلُوا بِوَصَايَايَ.

16 وَسَوْفَ أَطْلُبُ مِنَ الآبِ أَنْ يُعْطِيَكُمْ مُعِيناً آخَرَ يَبْقَى مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ،

17 وَهُوَ رُوحُ الْحَقِّ، الَّذِي لَا يَقْدِرُ الْعَالَمُ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ لأَنَّهُ لَا يَرَاهُ وَلا يَعْرِفُهُ، وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ فِي وَسَطِكُمْ، وَسَيَكُونُ فِي دَاخِلِكُمْ.

هل هذه نبوءة توراتية عن النبي محمد؟

سياق الحديث الذي يدور حول الروح القدس في هذه الآيات يعكس وعدًا من يسوع بحضور الله المستمر مع المؤمنين من خلال الروح القدس. يسوع لم يتنبأ بقدوم شخص آخر بعده ليكمل رسالته، بل كان يتحدث عن كيف سيستمر العمل الإلهي في حياة المؤمنين عبر الروح القدس. لا توجد أي إشارة إلى ظهور شخص بشري مثل محمد في هذا السياق.

يسوع يذكر في الآية 17 أن العالم لا يمكنه معرفة الروح القدس لأنه “لا يراه ولا يعرفه”. هذا يشير إلى أن الروح القدس هو عنصر روحي ومعرفي يتجاوز القدرة البشرية على إدراكه أو التعرف عليه بشكل طبيعي. على عكس شخص مثل محمد الذي كان يُعرف ويُرى من قبل الناس، الروح القدس هو قوة إلهية غير مرئية تعمل في قلوب المؤمنين.

نص يوحنا 14:15-17 لا يتحدث عن ظهور نبي بشري مثل محمد، بل عن الروح القدس الذي يعده يسوع ليكون مع المؤمنين بعد صعوده. في هذا النص، يوضح يسوع أن الروح القدس سيحل محل حضوره الجسدي ويكون معهم إلى الأبد. الروح القدس هو روح الحق الذي سيُرشد المؤمنين ويُعزيهم، وهو ليس شخصًا بشريًا يمكن مقارنته بأي نبي آخر، بل هو جزء من الثالوث الأقدس. الفهم الذي يربط هذا النص بظهور محمد هو تفسير خاطئ يتجاهل المعنى الروحي العميق للنص ويتنافى مع ما يعلنه الكتاب المقدس عن الروح القدس.

  1. محبة يسوع والطاعة لوصاياه: في البداية، يشير يسوع إلى أن محبة المؤمنين له تتجسد في طاعتهم لوصاياه. هذا يشير إلى العلاقة الأساسية بين يسوع والمؤمنين، حيث أن الطاعة ليست مجرد التزام قانوني، بل تعبير عن الحب الحقيقي لله. عندما يطيع المؤمنون تعاليم المسيح، فإنهم يثبتون في محبته.
  2. المعزي الآخر: “المعزي الآخر” هو الروح القدس، الذي سيتواجد مع المؤمنين بعد صعود يسوع. واستخدام عبارة “آخر” يوضح أن الروح القدس ليس بديلاً عن يسوع بل هو شخص إلهي يكمل حضوره وعمله في حياة المؤمنين. يُذكر هنا أن الروح القدس “يكون معكم إلى الأبد”، ما يعني أن الروح القدس سيكون في علاقة مستمرة مع المؤمنين، يُعزيهم ويُرشدهم دون انقطاع.
  3. روح الحق: في الآية 17، يُطلق على الروح القدس اسم “روح الحق”، مما يبرز دور الروح القدس في إظهار الحق وتوجيه المؤمنين إلى فهمه الكامل. الروح القدس ليس فقط موجهًا ومعزيًا، بل هو أيضًا مصدر للحق الإلهي الذي يرشد المؤمنين إلى الطريق الصحيح. هذا الوصف يميز الروح القدس عن أي معلم بشري قد يأتي بعد يسوع.
  4. العالم لا يعرفه: يشير يسوع إلى أن العالم لا يستطيع استلام الروح القدس لأنه لا يراه ولا يعرفه. هذه الفكرة تظهر أن الروح القدس ليس شيئًا يمكن اكتسابه أو فهمه بشكل طبيعي، بل هو عطية إلهية تُمنح للمؤمنين الذين يقبلون الحق الإلهي. هذا يفصل الروح القدس عن أي فكرة بشرية أو معلم بشري، مثل النبي محمد، حيث أن الروح القدس يتعامل مع المؤمنين بشكل روحي بحت.
  5. المعرفة الشخصية للروح القدس: في الجزء الأخير من الآية، يقول يسوع: “أما أنتم فتعرفونه لأنه يمكث معكم ويكون فيكم”. هذه العبارة تعني أن الروح القدس سيكون في حياة المؤمنين بشكل شخصي، وسيُرشدهم ويُعلمهم. العلاقة مع الروح القدس ستكون مباشرة وحية، وستعكس تجربة المؤمنين الشخصية مع الله.