ما هو الصّوم؟
كان الصوم تقليدًا عند اليهود والمسيحيين والمسلمين والديانات الأخرى منذ آلاف السنين. وللصوم فوائد صحية وروحية عديدة إذا تم صومه بطريقة صحيحة. بالنسبة لنا، يسوع نموذج مهم لشخص أحب الصوم من أجل فوائده الروحية. قبل أن يبدأ يسوع خدمته، أمضى أربعين يومًا وليلة في البرية يصوم ويصلي. انتهز الشيطان هذه الفرصة ليُجرِّب يسوع، لكن يسوع رفض طاعته وأجبره على المغادرة.
يصوم المسيحي بناءً على محبّته لله ورغبته في التّقرّب منه والتّذلّل والانكسار أمامه طاعةً له. لقد التزم شعب الله في العهد القديم بالصّوم كعلامةٍ على تمسّكهم بالله وتعبيرٍ منهم عن خضوعهم لسلطانه وتذلّلهم أمامه عربون محبّةٍ وطاعةٍ له. وكذلك الأمر في العهد الجديد، فللصّوم مكانةٌ هامّةٌ في الإيمان المسيحي وفي حياة المؤمن بالمسيح. لقد بيّن الرّبّ أهميّة الصّوم وجديّته في علاقتنا مع الله، وقد التزم به رُسُل المسيح والمؤمنون على مرّ تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتّى يومنا هذا، وسيبقى الصّوم حتّى مجيء السّيّد المسيح ثانيةً علامة إيمانٍ ثابتةٍ في المسيح.
متى موعد الصّيام ولماذا يجب علينا أن نصوم؟
لا يحدّد لنا الكتاب المقدّس أوقاتاً أو شهوراً للصّوم. فقد تُرك الأمر للضّمير الشخصي. وتبعاً لنموذج الكتاب المقدّس، قد تقوم جماعة من المسيحيّين أو الكنيسة بتحديد وقتٍ للصّوم من أجل أمرٍ هامٍّ في حياة المؤمنين، أو من أجل خدمة المسيح والإنجيل، مثال على ذلك ما فعله بولس وبرنابا حيث نقرأ في الإنجيل المقدّس في سِفر أعمال الرّسُل 14: 23 . لكن أيضاً يوجد عند طوائف مسيحيّة زمن معيّن للصّوم يسبق عيد الفصح بأربعين يوماً، ولكن هذا التّحديد الزّمني لا يرتبط بتعليم كتابي بل هو يندرج في سياقِ ترتيبٍ أو تقليدٍ كنسيٍّ، الغاية منه الصّوم كعملٍ إيمانيٍّ يسبق موعدَ ذكرى موت المسيح وقيامته.
أمّا لماذا يصوم المؤمن المسيحي، فلأنّ الصّوم علامةٌ مميّزةٌ في حياة الإيمان، يعبّر فيه المؤمن بالمسيح عن خضوعه وطاعته للرّبّ كما يطيعه في الصّلاة ووصاياه الأُخرى. ومثالنا الأعلى وقدوتنا في الصّيام هو السّيّد المسيح نفسه (إنجيل متّى 4: 2). بالإضافة إلى كون الصّوم مفتاحاً أساسيّاً للتّفرّغ من كلّ المشاغل والرّوتين وأمور الحياة اليوميّة (حتّى الطّعام) للانصراف إلى الصّلاة، كما يوجد أسباب أُخرى هامّة للصّوم بحسب نصوص كتابيّة، كما يلي:
*الصّوم عربون توبة وإعلان رجوع إلى الله طلبا لغفرانه ورحمته، (يوئيل 2: 12).
* الصّوم طلباً لاستجابة الرّبّ طلبات وتضرّعات وخاصّة في الأوقات الصّعبة والظّروف القاسية، (إرميا 36: 9.
*الصّوم (والصّلاة) طلباً لقوّة روحيّة من الله للتّغلّب على الأرواح الشّرّيرة أو على أوقات الشّرّ، (إنجيل متّى 17: 21، رسالة كورنثوس الأولى 7: 5).
هل صام المسيح بنفس طريقة صوم المسلمين خلال رمضان؟
هناك تشابهات واختلافات في طريقة الصوم التي صامها يسوع والتي يصومها الناس خلال رمضان. يتبع المسيحيون طريقة يسوع في الصوم بالماء. يتبع المسلمون تقليد الصوم الجاف، ففي شهر رمضان لا يأكل أحد أو يشرب أثناء النهار ولكن الكل يأكل ويشرب بحرية في الليل. عندما صام يسوع، لم يأكل أي شيء في النهار أو في الليل. صام يسوع أربعين يومًا دون أن يأكل أي طعام على الإطلاق، لكنه استمر في شرب الماء.
فوائد الصوم الذي صامه يسوع
هناك العديد من الفوائد الجسدية والروحية للصوم الذي صامه يسوع. أظهرت الدراسات أن الصوم دون طعام نهائيًا لمدة ٤٨ ساعة يقوم بإعادة ضبط جهازك الهضمي وقتل الميكروبات. يكمن خطر الصيام الجاف في عدم وجود فوائد صحية للجفاف الناتج عن عدم شرب الماء. يتفق جميع الأطباء على أنه من المهم دائمًا شرب الماء، وقد يكون من الخطر عدم شرب الماء لفترات طويلة. عدم شرب الماء ليوم واحد لا يشكل خطورة على معظم الناس، لكنه لا يفيد الجسم. من المهم أن نعامل أجسادنا بشكل جيد.
التحذير من الصوم لأجل الأسباب الخاطئة
حذر يسوع أيضًا من الصوم من أجل الآخرين وليس من أجل الله. قال يسوع في إنجيل متى 6: 16-18 “وَعِنْدَمَا تَصُومُونَ، لَا تَكُونُوا عَابِسِي الْوُجُوهِ، الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ يُغَيِّرُونَ وُجُوهَهُمْ لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاسِ صَائِمِينَ. الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُمْ قَدْ نَالُوا مُكَافَأَتَهُمْ. 17أَمَّا أَنْتَ، فَعِنْدَمَا تَصُمْ، فَاغْسِلْ وَجْهَكَ، وَعَطِّرْ رَأْسَكَ، 18لِكَيْ لَا تَظْهَرَ لِلنَّاسِ صَائِماً، بَلْ لأَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. وَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ، هُوَ يُكَافِئُكَ.” من المهم أن تصوم من أجل الله، ليس لكي تنال المديح من الناس. من التقاليد المسيحية الشائعة عدم إخبار الآخرين عندما نصوم. من المهم أن تصوم من أجل منفعتك الروحية وليس لمجرد أن ينظر لك الآخرون على أنك شخص صالح.
يصوم المسيحي بناءً على محبته لله ورغبته في التقرّب منه والتذلل والانكسار أمامه طاعة له. لقد التزم شعب الله في العهد القديم بالصّوم كعلامةٍ على تمسّكهم بالله وتعبيرٍ منهم عن خضوعهم لسلطانه وتذللهم أمامه عربون محبةٍ وطاعةٍ له. وكذلك الأمر في العهد الجديد، فللصّوم مكانةٌ هامةٌ في الإيمان المسيحي وفي حياة المؤمن بالمسيح. لقد بيّن الرب أهمية الصّوم وجدّيته في علاقتنا مع الله، وقد التزم به رسل المسيح والمؤمنون على مرّ تاريخ الكنيسة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا، وسيبقى الصّوم حتى مجيء السيد المسيح ثانيةً علامة إيمانٍ ثابتةٍ في المسيح.
أين يجب علينا الصّوم؟
ليست للمكان أهميةٌ في زمن الصّوم، ولا يوجد تعليم كتابي يحدد المكان الذي ينبغي فيه على المؤمن أن يقضي فترة صيامه، المهم في الصّوم هو الصّوم بحدّ ذاته والنيّة بالالتزام به، وعدم تباهي الصّائم بصومه أمام الناس لكي يكسب منهم مديحاً، بل الصّوم المقبول عند الله هو الصّوم الخفي المعلن لله، لأن الصّوم هو أمر شخصي وليس فرصةً للتظاهر. الله يهتم باتجاهات القلب ونيّاته أكثر من المظاهر الخارجية، ولا يصبح للصّيام أي معنى إن لم نظهر محبة لله ورحمة تجاه الآخرين في حياتنا اليومية. قال السيد المسيح في إنجيل متّى 6: 17 – 18.
الأحلام والرؤى
عندما تصوم، صلِّ إلى الله لكي يكشف لك عن نفسه. كما تعلم، ظهر يسوع للعديد من الناس في أحلام ورؤى عندما بحثوا عنه. خلال شهر رمضان، رأى كثير من الناس رؤى ليسوع يدعوهم لإتباعه.